للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال في "الإقناع": والذي يتوجَّهُ: أنَّه لا يجوزُ للموقوفِ عليهم أنْ يستسلفوا الأجرةَ؛ لأنَّهم لمْ يملكوا المنفعةَ المستقبلةَ، ولا الأجرةَ عليها، فالتسلفُ لهم قبضُ ما لا يستحقُّونَه، بخلافِ المالكِ. وعلى هذا: فللبطنِ الثاني أنْ يطالبَ بالأجرةِ المستأجرةِ الذي سلَّفَ المستحقِّينَ؛ لأنَّه لمْ يكنْ له التسليفُ، ولهم أن يطالبوا الناظرَ إنْ كانَ هو المُسلِفَ. ذكرَه في "الاختيارات" (١).

اعلمْ أنَّه تخلَّص ممَّا تقدَّمَ من الصورِ الثلاثِ: أنَّ المؤجرَ للوقفِ لا يخلو: إمَّا أنْ يكونَ غيرَ مستحقٍّ في الوقفِ، كالناظرِ الأجنبيِّ، والحاكمِ، أو يكونَ مستحقًّا، والمستحقُّ إمَّا أنْ يكونَ شُرِطَ له النظرُ بسببِ الاستحقاقِ فقطْ، أو بالاستحقاقِ والشرطِ معًا، أو لا. ففي الأُوْلَى: لا تنفسخُ، قولًا واحدً. وفي الثانيةِ: تنفسخُ على الصحيحِ. وفي الثالثةِ: إنْ ألحقناه بالأوَّلِ، وهو الأجنبيُّ، لمْ تنفسخْ قولًا واحدًا، وهو الذي جزمَ به في "الإقناع" و"المنتهى". وإنْ ألحقناه بالثاني، وهو المستحقُّ للنظرِ باستحقاقِه الوقفَ، لا بالشرطِ، ففيه خلافٌ.

فظهرَ أنَّه لا تنفسخُ إجارةُ الوقفِ بموتٍ المؤجِّرِ إلا في صورةٍ واحدةٍ، على الصحيح، وهي ما إذا كان المؤجرُ مستحقًّا للنظرِ بسببِ استحقاقه للوقف لا بالشرط، فإنَّ الوقفَ يُعمَلُ فيه بشرطِ واقِفِه، فإذا شرطَ في الوقفِ: أنْ لا يؤجَّرَ أبدًا، أو إلا مدَّة كذا ونحوه، وجبَ العملُ بشرطِه، فلا تصحُّ إجارةٌ على خلافِ ما شرطَه، إلا عندَ الضرورةِ، فيزادُ حينئذٍ بحسبها.

قال في "شرح الإقناع": ولم يزلْ عملُ القضاةِ في عصرِنا وقبلَه عليه. قال:


(١) انظر "كشاف القناع" (٩/ ٧٤، ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>