للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هذه الأعمار إلا صحائفٌ ... تؤرخ وقتاً ثم تُمحى وتُمحق

أما مطلق بن عبد الخالق (١) فهو يقول:

وما كنت أخشى الموت لولا صحيـ ... ـفة لو انقلبت بيضاء ساد سكون

وذهب كثير من الشعراء على اعتبار الحياة صحيفة يؤرخ فيها كل شيء, وهي كذلك, لا يدوم فيها نعيم, ولا تخلو من هم وغم, وإنما هي دار ابتلاء وامتحان, قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} (٢) , فالعاقل لا يثق بها بل يثق بالله الواحد القهار, فهو يأخذ من وجهها الكظيم ابتسامة عريضة يسير فيها سيرة الحكماء الأعزة الكرام لأنه يعلم أن اليوم الذي يراك الناس فيه مخبراً غداً ستكون فيه خبراً من الأخبارِ, ويرحم الله القائل:

حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري ... ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار

بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً ... حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ

طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها ... صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ

لَيسَ الزَمانَ وَإِن حرصت مُسالِماً ... خُلُق الزَمانِ عَداوَة الأَحرارِ


(١) - مطلق بن عبد الخالق الناصري, شاعر فيه صوفية، وفي شعره فلسفة, من أهل الناصرة (بفلسطين) ولد وتعلم ابتدائياً بها، وأكمل تحصيله الثانوي في روضة المعارف بالقدس, وعمل في الصحافة محرراً ورئيساً للتحرير، وفي التدريس فكان مديراً لإحدى المدارس الوطنية بحيفا, توفي بحادث سيارة في حيفا, ودفن في بلده, له (الرحيل-ط) ديوان شعره جمع وطبع بعد وفاته.
(٢) - سورة الإنسان الآية (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>