للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكبت طاقته وتقتل مواهبه, فمن حبس عقله في نمط واحد من التفكير أصابته البلاهة وانقبض قلبه فقتل حينئذٍ نبضاته أو تتبلد مشاعره وتكثر آهاته فيغفل عن حياته الدينية والدنيوية.

وفي الحديث النبوي الشريف الذي رواه مسلم: (وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً) (١) , وفي رواية: (روحوا القلوب ساعةً فساعة) (٢) .

فالحياة جميلة بتنوعها مملة (بروتينها) لا تستبين معانيها إلا بوجود الأضداد وباختلاف الأزمنة والأمكنة, قال الشاعر:

تجمعن من شتى ثلاث وأربع ... وواحدة حتى كملن ثمانيا

سليمى وسلمى والرباب وأختها ... وسعدى ولبنى والمنى وقطانيا

فالسعادة التي ينشدها كل إنسان متوقفة على ما يدخل عقله من أفكار, فإذا استقبل ما صح وجمل من الأفكار واستبعد ما غلظ وقبح منها نال السعادة وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٣) .

فسبحان من غاير بين المخلوقات لتتجدد حياة الإنسان في مختلف الأوقات فقال سبحانه: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (٤) , ... وقال جل شأنه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ


(١) - أخرجه مسلم في صحيحه باب فضل دوام الذكر حديث (٤٩٣٧) .
(٢) - أخرجه الديلمي في المسند حديث (٣١٨١) .
(٣) - سورة الرعد الآية (١١) .
(٤) - سورة الزمر الآية (٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>