للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضله ويبعده, قال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} (١) .

فإذا عرف الإنسان المكلف ذلك وجب عليه أن يؤمن بأن الله هو الهادي الذي خلقه وهداه, ورزقه وأعطاه, وأنه يهدي من يشاء برحمته وفضله, ويضل من يشاء بحكمته وعدله, فهو الذي يحول بين المرء وقلبه, وفي سورة الأنفال يقول جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (٢) , ومن مِثل هذا يخاف الرجل العليم والمؤمن الكريم الذي علم أن الله هو الهادي, فإذا آمن بالله وأنه الهادي وحده لا شريك له عند ذلك يكون المؤمن محباً لله الذي أكرمه وهداه وعافاه وجنبه الشقاء والضلال فهو يدعو كما كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه: (يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ) (٣) , ويدعو الله في كل صلواته بعد حمد الله والثناء عليه وإفراده سبحانه بالعبادة وطلب العون فهو يقرأ في سورة الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (٤) .

ومعلوم أن من عرف بأن الله هو الهادي لخلقه المضل لمن كذب وأسرف واختار سبيل المفسدين الضالين من عباده, فإنه يخاف بطش الله وعقابه وخسفه وعذابه وإضلاله المسرفين المكذبين {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ


(١) - سورة محمد الآيات (٤-٦) .
(٢) - الآية (٢٤) .
(٣) - أخرجه ابن ماجة في سننه باب فيما انكرت الجهيمة حديث (١٩٥) .
(٤) - الآية (٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>