للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما العلامة محمد بن محمد المنصور (١) فهو يقول:

رسم على الماء درس العلم في الكبر ... والنقش في حجر إن كان في الصغر

فاحذر ضياع الصبافي تافه وسفا ... هـ أو تكاسل فاخذر غاية الحذر

وإنما أرشد الشاعر إلى حفظ الصغير لأن مرحلة الصغر مرحلة تلقين لا فهم, فالطفل في غالب الأحوال يستطيع أن يحفظ الشيء الكثير وإن كان تفهمه لحقائق تلك المعارف والعلوم لا يزال محدوداً نظراً لصغر سنه, ولكنه لا ينسى ما حفظ, لصفاء ذهنه, ولكون ما يتلقنه أول ما يطرق ويثبت في صحائف فكره, فهو كالجوهر الصافي كما قال الشاعر, فالعاقل يحرص على تلقين الأطفال ما ينفعهم من أمور الدين والدنيا, ويبعدهم عن كل شيء يضرهم, وفي المثل السائر: "العلم في الصغر كالنقش على الحجر" وقد تقدم, ومن الخطورة بمكان أن يضلل الأطفال والصبيان في صغرهم, فالعقل يعجب للشروع, ولله در أبي العلاء المعري (٢) حيث يقول:

وَالعَقلُ يَعجَبُ لِلشُروعِ تَمَجُّسٍ ... وَتَحَنُّفٍ وَتَهَوُّدٍ وَتَنَصُّرِ

فَاِحذَر وَلا تَدَعِ الأُمورَ مُضاعَةً ... وَاِنظُر بِقَلبِ مُفَكِّرٍ مُتَبَصِّرِ


(١) - هو العلامة العابد الناسك الفاضل المجتهد/ محمد بن محمد المنصور الحسني اليماني من العلماء المعاصرين فيلسوف ومفكر اسلامي كبير وهو مرجع لعلماء الزيدية عرف بالاخلاق الكريمة والتواضع شغل عدة مناصب في الدولة اليمنية منها (وزير العدل-وعضوية المحكمة العليا- ونظارة الوصايا- وعضوية دار الافتاء التي لايزال فيها حتى كتابة هذه الاحرف) وله عدة ابحاث ومؤلفات مخطوطة وهو اديب كبير وشاعر فصيح له ديوان مطبوع اسماه لوامع من خواطر شواسع, وهذان البيتان من قصيدة له اسماها برق يماني مطلعها: (علمي بربي شامخ الاركان ... بالعقل اشهده وبالقرآن) ..
(٢) - قال الذهبي -رحمه الله-: هو الشيخ العلامة, شيخ الآداب, أبو العلاء احمد بن عبد الله بن سليمان ... القحطاني ثم التنوخي, المعري, الأعمى, اللغوي, الشاعر, صاحب التصانيف السائرة, والمتهم في نحلته, ولد في سنة ٣٦٣هـ, وضر بالجدري وله أربع سنين وأشهر, وقال ياقوت الحموي: عاش شيئاً وثمانين سنة, لم يأكل اللحم منها خمساً وأربعين سنة, انظر: اعلام النبلاء للذهبي (١٨/٢٣) ومعجم الأدباء لياقوت الحموي (١/٣٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>