للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ العَرشانِ هَذا عَرشُ مِصرٍ ... وَهَذا في القُلوبِ لَهُ مَحَلُّ

فَأَلِّف ذاتَ بَينِهِما بِرَأيٍ ... وَعَزمٍ لا يَكِلُّ وَلا يَمَلُّ

فَعَرشٌ لا تَحُفُّ بِهِ قُلوبٌ ... تَحُفُّ بِهِ الخُطوبُ وَيَضمَحِلُّ

والملك المحبوب يجد من شعبه معاونة ظاهرة، ومشاركة له في المسئولية الملقاة على أكتاف الحكومات والشعوب، وما ينفذ أمره، ولا ينتصر جيشه، ولا تمتلؤ بالأموال خزائنه، ولا تقوم المصانع في بلاده، إلا إذا تحبب إلى رعيته وأحبوه، وشعر انه واحد منهم، وليس له فضل عليهم، إلا بمنصبه الذي أهله الله له، فلا يستبد بهم، ولا يتعظم عليهم، ولا يستأثر بالمصالح دونهم، وإذا رأوا منه رفقه ورأفة بهم، وتفقد أحوالهم، قالوا له مثل ما قال (الهرمزان) لما رأى عمر نائماً في ظل الجدار (أمّنه عدله فنام) والملك المحبوب يصدق الناس في الدعاء له، وفي مناصرته ومؤازرته، وإذا ظهر عليهم حيته قلوبهم، وهتفت له ألسنتهم، وأشارت له بالسلام أيديهم، وإذا شغل عن مقابلتهم والبروز لهم عذروه، واعتقدوا انه في خدمتهم، وإذا مات ترحموا عليه، وانشدوا في رثائه القصائد، ولم يطمئنوا إلى من يأتي بعده، حتى يعلموا منه التأسي بسيرة من قبله، وكلما تحبب إليهم أعجبهم الحق منه، وغضوا أبصارهم عن هفواته، وأصموا أسماعهم عن غلطاته، قال الشاعر:

وإذا المليك بعدله وبفضله ... والى الرعية فالجميع موالي

<<  <  ج: ص:  >  >>