للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذا مُسَّ بِالسَرّاءِ عَمَّ سُرورُها.... وَإِن مُسَّ بِالضَرّاءِ أَعقَبَها الأَجرُ

وَما مِنهُما إِلا لَهُ فيهِ نِعمَةٌ ... تَضيقُ بِها الأَوهامُ وَالبرُّ وَالبَحرُ (١)

فمن لا يثني على ربه, ولا يحمده بلسانه؛ لم يكن شاكراً, ومن يخض في الباطل, ويشغل لسانه بلغو القول, وسمعه بلهو الحديث؛ ليس بشاكر, ومن أعطي من العلم شيئاً فكتمه ليس بشاكر, ومن بخل عن صرف المال في وجوه الخير والبر؛ ليس بشاكر, ومن لم يحافظ على النعمة بالشكر عرضها للزوال والانتقال, قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

إِذا كُنتَ في نِعمَةٍ فَاِرعَها ... فَإِنَّ المَعاصي تُزيلُ النِعَم

وَحافِظ عَلَيها بِتَقوى الإِلَهِ ... فَإِنَّ الإِلَهَ سَريعُ النِّقَم

فَإِن تَعطِ نَفسَكَ آمالَها ... فَعِندَ مُناها يَحِلُّ النَدَم

فَأَينَ القُرونَ وَمَن حَولَهُم ... تَفانوا جَميعاً وَرَبّي الحَكَم

وَكُن مُوسِراً شِئتَ أُو مُعسِراً ... فَلا بُدَّ تَلقى بِدُنياكَ غَمّ

وَدُنياكَ بِالغَمِّ مَقرونَةٌ ... فَلا يُقطَع العُمرُ إِلا بِهَمّ

حَلاوَةُ دُنياكَ مَسمومَةٌ ... فَلا تَأَكُلِ الشَهدَ إِلا بِسُمّ

مُحامِدُ دُنياكَ مَذمومَةٌ ... فَلا تَكسَب الحَمدَ إِلا بِذَم

إِذا تَمَّ أَمرٌ بَدا نَقصُهُ ... تَوَقَّ زَوالاً إِذا قيلَ تَمّ

فَكَم آمِنٍ عاشَ في نِعمَةٍ ... فما حَسَّ بِالفَقرِ حَتّى هَجَم

وَكَم قَدَرٍ دَبَّ في غَفلَةٍ ... فَلَم يَشعُرِ الناسَ حَتّى هَجَم


(١) - انظر روضة الأمل ج٤ص١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>