للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاهوا عَلى الدُنيا بِأَموالِهِم ... وَقَيَّدوا بِالبُخلِ أَقفالَها

لَو شَكَروا النِعمَةَ زادَتُهُمُ ... مَقالَةً لِلّهِ قَد قالَها

لَئِن شَكَرتُم لأَزيدَنَّكُم ... لَكِّنَما كُفرَهُم غالَها

مَن جاوَرَ النِعمَةَ بِالشُكرِ لَم ... يِخشَ عَلى النِعمَةِ مُغتالَها

وَالكُفرُ بِالنِعمَةِ يَدعو إِلى ... زَوالِها وَالشُكرُ أَبقى لَها (١)

وقيل: "من أعطي أربعاً لم يعدم أربعاً: من أعطي الشكر لم يعدم المزيد, ومن أعطي التوبة لم يعدم القبول, ومن أعطي الاستخارة لم يعدم الخيرة, ومن أعطي المشورة لم يعدم الصواب", فلا زوال لنعمة إذا شُكرِت, ولا دوام لها إذا كُفرِت.

قال المأمون لثمامة (٢) : أيهما أفضل الشاكر أم المنعم؟ فقال: المنعم, أمنُّ فعلاً, وأعلى في فعله فضلاً, لأن الإنعام لقاح الشكر, وبه يستهل سبيل الشاكر إلى جميل الشكر, فجالب الشكر أوكد سبباً من الشكر, فقال المأمون: ما علمتَ شيئاً, بل الشكر أفضل, والقول بتقديمه أعدل, لأن الشكر يمتري المزيد, ويحكم عقد النعمة بالتوطيد, وموجب النعمة أفضل من النعمة, فالنعمة إلى نفاذ, ويسير الشكر باقٍ إلى المعاد, ومن فضله ندب الله عباده إليه, وحظهم عليه, وأوجب لهم المزيد بإدامته, قال الشاعر:

فَلَو كانَ يَستَغني عَنِ الشُكرِ ماجِدٌ ... لِعِزَّةِ نَفسٍ أَو عُلُوِّ مَكانِ

لَما أَمَرَ اللَهُ الحَكيم بِشُكرِه ... فَقالَ اِشكُروا لي أَيُّها الثَقلانِ


(١) - ديوان الإمام علي رضي الله عنه.
(٢) - ثمامة بن أشرس البصري المتكلم من رؤس المعتزلة كان أحد الفصحاء البلغاء اتصل بالرشيد ثم بالمأمون , كان ذا نوادر وملح.

<<  <  ج: ص:  >  >>