للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حباً يبعث على الرحمة والرأفة والإخاء والمودة والصداقة والصدق والطاعة والشجاعة والبر, وربما جعلت المحبة المفرطة من المحب أعمى لا يدرك إلا ما يحب, وربما تابع المحبوب على غير بصر ولا هدى, وفي الحديث النبوي: (حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ) (١) , وهو في الأمثال السائرة: "حبك الشيء يعمي ويصم" أي يخفي عليك مساويه ويصمّك عن سماع العذل فيه (٢) , فللمحبة في سلوك الإنسان, وفي عبادته, وفي غدوه ورواحه, وفي إقامته وانتقاله, وفي أعماله وآماله, الأثر الكبير.

فإذا غمر الحب قلب المحب ترك آثاره كبيرة في كلام الإنسان, وملامح وجهه وتصرفاته, ومواقفه من الآخرين, بل ومن الكون كله, قل ما يفارق الإنسان ذلك في صباه وشبابه وشيخوخته, ومن نعم الحب أنه يجرد الإنسان من الغربة والوحشة, فيشعر المحب بأن كل ما في الوجود معجب محبوب, فهو مصدر الشعر والفنون الجميلة, وهو الذي يولد القوة, ويطرد الاكتئاب, ويحث على العمل, ويحفز على الإبداع والانتصار على الشدائد والصعاب, المرغب في طاعة الله الملك الوهاب.


(١) - أخرجه أبو داود في سننه باب في الهوى حديث (٥١٣٠) .
(٢) - مجمع الأمثال للميداني ص١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>