للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الأمثال السائرة: من صحت مودته احتملت جفوته, وقيل مودة الأباء قرابه بين الأبناء, فاعمل على صلة اصدقاء ابائك , قال الشاعر

وكل محبة في الله تبقا ... على الحالين من فرج وضيق

وكل محبة فيما سواه ... فكالحلفاء في لهب الحريق (١)

الإفراط في الحب لغير الله غير مرغوب

إن الحب المتوازن يدل على العقل الكامل, فالعدو ربما انقلب إلى صديق, والصديق ربما انقلب إلى عدو, فلا يوجد عدو دائم إلا الشيطان, ولا يوجد من يجب دوام محبته إلا الرحمن وكتبه ورسله وشريعته, ومن شرع لنا محبته وأوجب علينا مودته, وقليل من الناس من تدوم محبته وتصفى مودته, وقد جاء في كلام بعض الشعراء:

فهون في حب وبغض فربما ... بدا صاحب من جانب بعد صاحب

ومما نسب للإمام علي رضي الله عنه قوله:

وَأَحبِب إِذا أَحبَبتَ حُبّاً مقارِباً ... فَإِنَّكَ لا تَدري مَتى أنتَ نازِعُ

وَأَبغِض إِذا أَبغَضتُ بَغضاً مُقارِباً ... فإِنَكَ لا تَدري مَتى أَنتَ راجِعُ (٢)

وقد أقتبس ذلك من الهدي النبوي ففي الحديث النبوي: (أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا) (٣) , وفي الأمثال السائرة: "لا يكن حبك كلفاً ولا


(١) - هذان البيتان في المستطرف دون عزو
(٢) - ديوان الإمام علي رضي الله عنه ص٤٠.
(٣) - أخرجه الترمذي في سننه باب ما جاء في الاقتصاد في الحب حديث (١٩٩٧) وقال عنه الترمذي: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>