للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمن لا يكره نعم الله ولا يحب زوالها على من أنعم الله عليه, بخلاف الحاسد فإنه يحب زوال نعم الله ويكره دوامها وبقاءها, والمؤمن قد يغبط ولكنه لا يفسق ويحسد, ولهذا أثنى الله تعالى على رهط من المؤمنين من أهل اليمن استوطنوا المدينة وذاقوا حلاوة الإيمان بسلامة ونقاء صدورهم وذهاب الحسد والغيظ من قلوبهم حينما قدَّموا المهاجرين على أنفسهم وانشرحت للإسلام صدورهم فقال جل شأنه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (١) , وقد حكى الله تعالى حسد اخوة يوسف عليه السلام وصنيعهم وعبّر عمّا في قلوبهم وكشف ضميرهم, فقال: {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ} (٢) , وفي ذلك من البيان لمضار الحسد, وحمله على الظلم وفساد المعتقد, واقتراف الذنوب التي تغضب الواحد الأحد, وقد حمل الحسد بعض أهل الكتاب على مودة رد المؤمنين عن إيمانهم حسداً وبغياً من عند أنفسهم, فقال جل شأنه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ


(١) - سورة الحشر الآيتان (٩و١٠) .
(٢) - سورة يوسف الآيتان (٨و٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>