للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه السموأل فأخذ الملك ابناً له وكان خارجاً من الحصن فصاح الملك بالسموأل, فأشرف عليه فقال: هذا ابنك في يدي وقد علمت أن امرئ القيس ابن عمي ومن عشيرتي وأنا أحق بميراثه فإن دفعت إليَّ الدروع وإلا ذبحت ابنك, فقال: أجّلني, فأجله فجمع أهل بيته ونساءه وشاورهم فكل أشاره أن يدفع الدروع ويستنقذ ابنه فلما أصبح أشرف عليه, وقال: ليس إلى دفع الدروع سبيل فاصنع ما أنت صانع, فذبح الملك ابنه وهو مشرف ينظر إليه, ثم انصرف الملك بالخيبة, فوافى السموأل بالدروع الموسم فدفعها إلى ورثة امرئ القيس وقال في ذلك:

وَفَيتُ بِأَدرُعِ الكِندِيِّ إِنّي ... إِذا ما خانَ أَقوامٌ وَفَيتُ

وَقالوا: إِنَّهُ كَنزٌ رَغيبٌ ... فَلا وَاللَهِ أَغدِرُ ما مَشَيتُ (١)

وإلى ذلك يشير الأعشى حيث يقول:

كُن كَالسَمَوأَلِ إِذ سارَ الهُمامُ لَهُ ... في جَحفَلٍ كَسَوادِ اللَيلِ جَرّارِ

إلى أن قال:

وَقالَ: لا أَشتَري عاراً بِمَكرُمَةٍ ... فَاِختارَ مَكرُمَةَ الدُنيا عَلى العارِ

وَالصَبرُ مِنهُ قَديماً شيمَةٌ خُلُقٌ ... وَزَندُهُ في الوَفاءِ الثاقِبُ الواري

ولقد كان العرب في الجاهلية يفاخرون بالأمانة وينتصرون لها, ولقد انتصر العرب في حربهم ضد الفرس في يوم ذي قار في القصة المشهورة حينما رفض هاني بن مسعود الشيباني تسليم ما استودع من الدروع فاجتمع العرب وقاتلوا الفرس وانتصروا وكان ذلك مفخرة لهم, والقصة


(١) - مجمع الأمثال للميداني ص٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>