للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الملك: (انك اعز ما تكون أحوج ما تكون إلى الله، فإذا تعززت بالله فاعفُ فانك به تعز وإليه ترجع) ، وروى عن داود بن الزبرقان انه قال: قال أيوب) لا يَنْبُلُ الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عنهم) ، قال أبو حاتم رضي الله عنه: الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم، رجاء عفو الله عز وجل وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه، لان صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء، وصاحب العقاب وإن انتقم كان إلى الندم اقرب، فأما من له أخ يودُّه فانه يتحمل عنه الدهر كله زلاته.

قال الفضيل بن عياض: احتمل لأخيك إلى سبعين زلة، وقيل له: وكيف ذلك يا أبا على؟ قال: لان الأخ الذي آخيته في الله ليس يزل سبعين زلة.

وأنشد علي بن محمد البسامي:

إذا لم تجاوز عن أخ لك عثرة ... فلست غداً من عثرتي متجاوزا

وكيف يرجيك البعيدُ لنفعه ... إذا كان عن مولاك برُّك عاجزا (١)

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) (٢) .

ولما في العفو من العز والثواب والشرف الكبير فقد أمر الله به، وارشد إليه، فقال جل شأنه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ


(١) - روضة العقلاء ص (١٣٢) .
(٢) - رواه مسلم في صحيحه باب استحباب العفو والتواضع حديث (٢٥٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>