للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً ... فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ

إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ ... فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ

أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً ... فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ

ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا ... وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ

فاطلب أخي من الله العفو يعف عنك فهو يحب العفو قال يحيى بن معاذ: لو لم يكن العفو أحب الأشياء إلى الله، لم يبتل بالذنب أكرم الخلق عليه قال الشاعر:

يا رب أنت رجائي ... وفيك حسنت ظني

يا رب فاغفر ذنوبي ... وعافني واعفُ عني

العفو منك الاهي ... والذنب قد جاء مني

والظن فيك جميل ... حقق بحقّك ظني (١)

ولله در القائل:

فيا ربِّ بردَ العفوِ هب لي إذا غلا ... من الحَر في يوم الحسابِ دِماغُ (٢)

فمن علم أن الله سبحانه وتعالى يشمل بالعفو من أناب إليه ورضي عنه، وجب عليه أن يأتي ما يكون سبباً لعفو الله من الإيمان، والتوبة، والاستغفار، والأعمال الصالحة، وأداء الواجبات، والإحسان إلى عباد الله، فمن كمال عفو الله انه مهما أسرف العبد ثم رجع إلى الله جل وعلا عفا عنه، ومن كمال عفوه انه جعل الإسلام يجب ما قبله، والحج يهدم ما قبله، والتوبة


(١) - أورد هذه الأبيات الحافظ زين الدين بن رجب الحنبلي في لطائف المعارف جزء (١) ص (٢٣) دون ان ينسبها لأحد.
(٢) - ديوان بن الحاج البلفيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>