للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (١) , وقال جل شأنه: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (٢) , إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على عظيم شرف العقل, الذي يقرب الإنسان من الخير ويحجزه عن الشر قال الشاعر:

لا ترى العاقل إلا خائفاً ... حذراً من يومه دون غده

وفي الأمثال السائرة: "العقل أحسن معقل, وشهادة العقول أصح من شهادة العدول, والعقل أحصن معقل, والعقل وزير الناصح".

قال أبو حاتم: الواجب على العاقل: أن يكون بما أحيا عقله من الحِكمة أكلف منه بما أحيا جسده من القوت, وقوت العقل الحِكم (٣) , وهذا صحيح, فالذي لا يتدبر في العواقب, ولا يتعظ عند وقوع النوائب, ولا يؤدي حق الخالق؛ فقد أضاع حظه, وعرض للهلكة نفسه, أما إذا أعمل الإنسان عقله؛ فإنه لا يضل إذا كان مؤمناً, ولا يغتم إذا كان معدماً, لأن العاقل إذا تدبر أبصر, وإن كان معدما؛ فإنه يرجى له الغنى, ولا يوثق للمغرور ولا للجاهل المكثر بقاء ماله أو عزه, فإنه يعرض ذلك كله للذهاب والفساد.


(١) - سورة البقرة الآية (١٦٤) .
(٢) - سورة النحل الآية (١٢) .
(٣) - روضة العقلاء ص١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>