للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يلج به الساعي اغوار البحار العميقة, ويقارع به السباع الضارية في فلواتها (١) , هذا هو التوكل في الحقيقة, فاذا فسر بانه قبض اليد عن العمل وطررح الاسباب جملة فذلك تفسير لايقره الشرع الذي يقول {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٢) ويقول: {فامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (٣) ويقول: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤) ومااقترن العزم الصحيح بالتوكل على من بيده ملكوت كل شئ الا كانت العاقبة رشدا ونجاحا, قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (٥) وما جمع قوم بين الاخذ بالاسباب, وقوة التوكل على الله الا احرزوا الكفاية لأن يعيشوا سعداء وما بذل احد جهده وسعى في الامور النافعة سعيه واستعان بالله عليها, واتاها من ابوابها ومسالكها الا وأدرك مقصوده, فإن لم يدركه كله ادرك بعضه, وان لم يدرك منه شئا لم يلم نفسه, ولم يذهب عمله سدى خصوصا اذا ثابر ولم يتضجر (٦) فان الله يثيبه على ذلك. ولعظم شان التوكل اكثر الله من ذكره في القران العظيم


(١) - الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها تأليف العلامة محمد بن ابراهيم الحمد, ص٢٠٨-٢٠٩ ,الطبعة السابعة ١٤٢٦هـ٢٠٠٦م الناشر دار ابن خزيمة الرياض.
(٢) - سورة الانفال الاية (٦٠) .
(٣) - سورة الملك الاية (١٥) .
(٤) - سورة الجمعة الاية (١٠) .
(٥) - سورة آل عمران الاية (١٥٩) .
(٦) - الهمم العالية ص ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>