فاغتنم الشاب قبل الشيخوخة والهرم فما فات من الزمن لا يعود فالصبا اذا فات فات ابدا, والشباب اذا مر مر ابدا, والزمن المفقود لايعود ابدا, قال الشوكاني رحمه الله: " فان من ارسل عنان شبابه في البطالات, وحل رباط نفسه فاجراها في ميادين اللذات -ادرك من اللذة الجسمانية من ذلك بحسب ما يتفق له منها, ولا سيما اذا كان ذا مال وجمال, ولكنها تنقضي عنه اللذة, وتفارقه هذه الحلاوة- اذا تكامل عقله ورجح فهمه, وقوي فكره؛ فانه لايدري عند ذلك مايدهمهم من المرارات التي منها الندامة على ما اقترفه من معاصي الله , ثم الحسرة على ما فوته من العمر في غير طائل, ثم على ما انفقه من المال في غير حله, ولم يفز من الجميع بشيء, ولا ظفر من الكل بطائل. (١)
اما ابو العتاهية فهو يقول:
عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَه ... أَنَّ الشَبابَ وَالفَراغَ وَالجِدَه
مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة
يا لِلشَبابِ المَرِحِ التَصابي ... رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَبابِ
ان الانسان لا يستطيع ان يتصور همم الشباب على حقيقتها ويستنهض مكامن القوة فيها حتى يرى اثار الرجال التي كتب تاريخها قبل ان ترحل من على وجه الارض, وحكي عن ثعلب انه كان لايفارقه كتاب يدرسه فاذا
(١) - مشار الى ذلك في كتاب الهمة العالية لفضيلة الدكتور محمد بن ابراهيم الحمد, ص٢٤٣, الناشر دار ابن خزيمة المملكة العربية السعودية الرياض, الطبعة السابعة ١٤٢٦هـ ٢٠٠٥م.