للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (١) , ولا تتدبر ما ورد في الفرقان: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (٢) .

فإن كنت تريد السعادة في الدنيا والآخرة وتريد أن تنال الحسنى وزيادة فتأسى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم, ولقد مثلت حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعمالاً كثيرة متنوعة بحيث تكون فيها الإسوة الصالحة والمنهج الأعلى للحياة الإنسانية, لأنها جمعت بين الأخلاق العالية والعادات الحسنة والعواطف النبيلة والنوازع العظيمة, فإذا أردت السعادة والإحترام فتأسى به, فإن كنت غنياً مثرياً فاقتدِ بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان تاجراً يسير بسلعته بين الحجاز والشام, وحين ملك خزائن البحرين, وإن كنت فقيراً معدماً فلتكن أسوتك به وهو محصور في شعب أبي طالب, وحين قدم إلى المدينة مهاجراً وهو لا يحمل من حطام الدنيا شيئاً, وإن كنت ملكاً فاقتدِ بسنته وأعماله حين ملك أمر العرب وغلب على آفاقهم, ودان لطاعته عظماؤهم وذووا أحلامهم, لتكون عزيزاً محترماً, وإن كنت رعية ضعيفاً فلك برسول الله أسوة حسنة حينما كان محكوماً بمكة في نظام المشركين, وإن كنت فاتحاً غالباً فلك من حياته نصيب أيام ظفره بعدوه في بدر وحنين ومكة, وإن كنت منهزماً -لا قدر الله- فاعتبر به في يوم أحد وهو بين أصحابه القتلى ورفقائه المثخنين بالجراح, فلا تهن


(١) - سورة الحجرات الآية (١٠) .
(٢) - سورة محمد الآية (٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>