للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن شيئا مذكورا, فمنه سبحانه وتعالى الاعداد والامداد فكيف يتعلق المرء بالوسائل التي اوجدها الحق سبحانه وتعالى ولايتعلق بالاول الآخر الباقي الدائم بعد فناء الاشياء, فالعاقل لايجعل تعلقه الكامل وركونه ووثوقه باي شيء ينقضي, وانما يتلق في عبادته وصلاته ودعائه وخوفه ورجائه بالاول الاخر الذي يبقى ولا يفنى, فهو سبحانه وتعالى الاول الاخر الذي لايموت ولا يزول, فالمتعلق به سبحانه وتعالى حقيق الا يخيب ولا يزول ولاينقطع ماتعلق به, بخلاف التعلق بغيره مما له اخر يفنى به, فهو سبحانه الاول الذي ابتدأت منه المخلوقات, والاخر الذي انتهت اليه عبوديتها وارادتها ومحبتها, فليس وراء الله شيء يقصد ويعبد ويتأله, كما انه سبحانه ليس قبله شيء يخلق, فكما كان واحدا في ايجادك فاجعله واحدا في تاليهك له لتصح عبادتك وصلاتك, وكما ابتدأ وجودك وخلقك والاحسان اليك واسباغ نعمه عليك ظاهرة وباطنة, فاجعله نهاية حبك وارادتك وتأليهك له لتصح لك عبوديتك له باسمه الاول والاخر والظاهر والباطن, فهو سبحانه وتعالى الظاهر على كل شيء وفوق كل شيء والغالب على كل الأمور والظاهر بقوته وقدرته وعلمه وهو الباطن القريب من كل شيئ فهو اقرب اليك من حبل الوريد فاخلص اليه في الدعاء, وفي الذكر الحكيم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (١) وفي الحديث النبوي الشريف: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا


(١) - سورة البقرة الآية (١٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>