للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَالَمِينَ} (١) , وقال جل شأنه: {ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (٢) , وأن يشكره على نعمة الخلق فهو الذي أعطى كل مخلوق خصائصه في التصوير, وقدر رزقه, فبيد الخالق البارئ المصور كل شئون الخلق, يمنعهم ويعطيهم ويتفضل عليهم ويرحمهم.

ولهذا فإن المؤمن يعبد الله ويرجوه ويسأله الرحمه والفوز والفلاح, لأنه يعلم أن الله خالق كل شيء, فهو يعبد الله, ويرحم عباده, وإنما يرحم الله من عباده الرحماء, وفي الحديث النبوي: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الأَرْضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ) (٣) .

ولهذا فإن من عرف أن الله خالقه ورازقه, وأن مدار الدنيا, وكل نفع وضر, وإعطاء ومنع, وإحياء وإماته, ومجازات على الحسنات والسيئات؛ بيد الله؛ التزم طاعة خالقه وابتعد عن ظلم الناس, وعاش في سعادة, ومات على التوحيد, قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ


(١) - سورة الأعراف الآية (٥٤) .
(٢) - سورة الأنعام الآية (١٠٢) .
(٣) - أخرجه مسلم في صحيحه باب في سعة رحمة الله تعالى حديث (٤٩٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>