للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد مماته ويقدمه الى الدرجات العلى في الجنة, ويؤخره اذا اشرك بالله في عبادته, فهو يعمل وهو على يقين ان الله عز وجل لايظلم ولايبخس ولا يضيع ولايؤخر من اخلص لله في عمله, فبعملك واستقامتك واخلاصك لله يقدمك الله ويرفع مرتبتك, فانت اذا لم تطلب العلو في الدنيا بل تبتغي الرفعة عند الله وتخلص لله وترجو الله وتخاف الله وتؤدي زكاة مالك خالصة لله, وتقدم الاعمال الصالحة يقدمك الله ويرفعك الله في الدنيا والاخرة, فالله جل وعلى يقدم الصالح ويؤخر الطالح, يقدم العالم العامل بعلمه, ويؤخر الجاهل المتمادي في غيه, يقدم المحب ويؤخر المبغض, يقدم الطائع ويؤخر العاصي, يقدم المقبل على ربه, ويؤخر المعرض عنه, وهذا عدل منه سبحانه وتعالى, فاذا ادركت انك عبد الله حقا وان الله المقدم المؤخر احبك الله ورفعك ونفعك وقدمك, وحينئذ يجب عليك ان تقدم ماكان الله يحب تقديمه وان تؤخر ماكان الله يحب تاخيره, فلا تيأس ان رأيت تاخيرا لمكافأة, فاحيانا يقدم الله المكافأة لانسان فيرتاح ويقعد ويتوانى ويتكاسل, واحيانا يؤخر الله لانسان المكافأة فييأس, فلاتكن غافلا فلحكمة ما قد يقدم الله المكافأة أو يؤخرها, ولحكمة ما قد يقدم الله العقاب أو يؤخره, فمن اسمائة المقدم المؤخر, فمتى اشرق في قلبك نور اسمه المقدم المؤخر صرت في كل الامور متدبرا, فتقدم كل ما قدمه الله, وتؤخر كل ما اخره الله, وحينئذ تكون صادقا مع الله, تقدم طاعة ربك على شهوات نفسك, وتقدم فرائض الله على مصالحك الشخصية, وتقدم زكاة مالك على كسب مال غير

<<  <  ج: ص:  >  >>