بالسلعة، ولم يجعلها بمنزلة الدراهم، إذ لو كانت بمنزلة الدراهم لا ينتفض البيع بردّها بل يرجع بغيرها، لأن الدراهم لا تتعين في المعاوضات.
أما في بيع المقايَضة إذا ردّ أحدهما بالعيب ينتقض البيع، وإذا انتقض برد الفضة يخيّر بائع البدنة، إن شاء أخذ اللحم، وإن شاء ترك، وضمنه قيمتها غير منحورة، لأن الذبح نقصان فاحش، فكان له الخيار كما في الغصب، والبيع الفاسد من الأصل.
فإن اختار ترك اللحم، وضمنه القيمة، جازت الإراقة عن المشتري لتقرر ملكه في البدنة، وإن اخذ اللحم يغرم المشتري للفقراء قيمته مذبوحا، يتصدق بها، أما في جزاء الصيد ودم الإحصار والحلق فظاهر، لأن التصدق باللحم واجب في هذه الدماء، وأما في الأضحية ودم المتعة والقران، فلأنه إن ردّ الفضة بغير قضاء فهو بيع في حق الثالث، فيجعل اعتياضا في حق الفقراء، ولو اعتاض حقيقة يجب التصدق بقيمة اللحم، كذلك هنا.
وإن كان الرد بقضاء فكذلك، لأنه وإن ردّ اللحم، عاد إليه الثمن، وبرئ عن الضمان، فصار كأنه باع اللحم بتلك الفضة، وبما كان عليه من الضمان، فيتمكّن فيه شبهة الاعتياض فيلزمه التصدق.
ثم ينظر: إن كانت قيمته منحورا أكثر من قيمة الفضة التي عادت اليه، يتصدّق بقيمته منحورا، وإن كانت قيمة الفضة أكثر من قيمتها منحورة يتصدق بقيمة الفضة، أيّهما كان أكثر يلزمه التصدق به. كما لو باع اللحم بثمن، (١) ينظر إلى الثمن وإلى قيمة اللحم، أيّهما كان أكثر يتصدق به احتياطا كذلك هنا.
ولا يقال: الاحتياط أن ينظر إلى قيمتها غير منحورة، وإلى قيمة الفضة التي ردّت عليه لا إلى قيمتها منحورة، لأن المشتري بِدفع اللحم استفادَ البراءةَ عن قيمتها غير