للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تلامذته]

درسَ الإمام قاضي خان وتفقّه على أيدي هؤلاء المشائخ حتى بلغ إلى مرحلة النضج والرسوخ، وبعد أن ارتفع شأنه في العلم وترقّى، وتبوّأ منزلة كبيرة بين علماء زمانه حتى فاق أكثرَ فقهاء ذلك العصر في الفقه، تصدّر للتدريس والإملاء والإفتاء، فانضمّ إلى حلقته كثير من رواد العلم، ولعلّ الإمام قاضيخان كان أجلّ الفقهاء في ذلك العصر وأشهرهم، ومَن كان مثله في العلم والفضل لابدّ أن يكثر تلاميذه، ألمَعَ إليه الإمام الذهبي بقوله: "وأملى مجالسَ كثيرة رأيتها" (١).

وكذلك يدل عليه ما ساقَه القرشي والتميمي والقاري في طبقاتهم من حكاية طريفة، وفيها: "إن محمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الفضل الكماري عندما دخل بلاد فرغانة، وجَدَ قاضي خان يتكلم فوق المنبر، وبين يديه العلماء، وهم يكتبون ما يُلمي عليهم (٢).


(١) "سير أعلام النبلاء" ٢١/ ٢٣٢.
(٢) وتمام القصة ما حكاه العلامة اللكلنوي نقلا عن القاري: "وفي "طبقات القاري": محمد بن الفضل أبو الفضل الكمارى - بفتح الكاف والميم - يحكى أن والده وعده بألف دينار عند تمام حفظه المبسوط وكذا لأخيه، فلما حفظه دفع المال لأخيه، وقال له: يكفيك حفظ المبسوط، فخرج مغاضبًا، فانتهى به السفر إلى أن دخل بلاد فرغانة، فوجد قاضي خان يتكلم فوق المنبر، وبين يديه العلماء، وهم يكتبون ما يملى عليهم، فذكر قاضي خان مسألة خلافية بين أبى يوسف ومحمد، فعكس قول أبى يوسف وجعله قول محمد، وقول محمد قول أبي يوسف، فقال له أبو بكر: اعكس، فقال قاضي خان: وإن لم أعكس فقال أبو بكر: إن لم تعكس يرد على قول أبي يوسف كذا وكذا، ويرد على قول محمد كذا وكذا، وذكر عدة مسائل، فترك قاضي خان المنبر واعتنقه، وقال: يا سيدى! لعلك تكون محمد بن الفضل الكماري قال: نعم، فقال: أنت أحق بهذا المجلس منّى، ومات ببخارى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة" - انتهى -.
ثم تعقّب عليه اللكنوي قائلا: "هذه الحكاية التي حكاها من ملاقاته مع قاضي خان مما لا يمكن =

<<  <  ج: ص:  >  >>