للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتصدق باللحم فيما كان سبيله التصدّق، ويأكل إن شاء فيما كان له أن يأكل (١)، وإن أخذ البائع المذبوح، وضمنه النقصان، كانت القربة ماضية، لأنه ملكها بالشراء الفاسد، والإراقة حصلت على ملكه.

وإنما انتقص الملك بالاسترداد فيما بقي لا فيما فات بالإراقة، ويلزمه التصدق بقيمتها منحورة. أما في الدماء التي يلزمه التصدق باللحم فظاهر، وأما في غير ذلك كالأضحية وغيرها فكذلك، لأنه كان ضامنا قيمتها للبائع، وبِدفعِ المذبوح استفاد البراءةَ عن تلك القيمة، فكأنه اعتاض.

[وأما السادس وهو انتقاض هبة المريض]

قال: مريض وهب شاة أو بدنة، فنحرها الموهوب له عن شيء مما ذكرنا، ثم مات الواهب، ولم يدَع مالا غيرها، وعليه دين يحبط بماله، فإنه تنقض الهبة، لأن هبة المريض وصية، ولا وصية مع الدين، ويكون الخيار في ذلك للقاضي، إن شاء ضمنه قيمتها يوم القبض، وإن شاء ضمنه نقصان الذبح، ويأخذ اللحم، ويبيع؛ لأنه نصب ناظرا للمسلمين، فيفعل ما هو الأنفع، والأنظر، وأيهما فعل كانت القربة ماضية.

أما إذا ضمنه القيمة، فلأن الإراقة حصلت على ملكه، وقد استقرّ ذلك الملك، فلا يلزمه شيء آخر، وأما إذا أخذ المذبوح، وضمنه النقصان فكذلك، لأنه نحَرَ ملك نفسه، لأن تصرفات المريض فيما يحتمل النقض تنفذ للحال، والهبة من قبيل ذلك، فيملكها الموهوب له، ثم ينقض ملكه بعد الموت، وما فات بالإراقة لا يحتمل النقض، فيبقى على ملكه، وهذا والبيع الفاسد سواء.

وإذا أخذ القاضي المذبوح، وضمنه النقصان، يتصدق الموهوب له بقيمته منحورا،


(١) في (ج) و (د): "في ما كان سبيله الأكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>