للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوّى بين الإعانة والدلالة، وعلّق الإباحة بانتفاء الكل، فكان المذكور هنا قول محمد رحمه الله تعالى.

[الفصل الخامس]

مسلم رمى سهما إلى صيد، فهبّت الريح، وردّته إلى ورائه، ثم أصاب الصيد، وقتله، لا يؤكل؛ لأن حكم الرمي قد انقطع، وحصلت الإصابة بالريح، فصار كأنه مات حَتفَ أنفه (١)، وكذا لو صرفته يمنة أو يسرة، وقطع سُننه (٢).

وإن ضربته الريح، وزادت في ذهابه، حتى أصاب الصيد، وقتله، أكل (٣)، سواء كان السهم يصل إلى هذا الموضع بدون الريح، أو لا يصل، لأن فعل الريح ليس من جنس الرمي؛ لأن فعل الريح هدرٌ لا حكم له، والرمي يتعلق به الحكم، فلا تثبت به المشاركة.

وكذا لو أمالته الريح يمنة أو يسرة، إلا أنها لم تقطع سُننَه؛ لأن هذا القدر من الإمالة


(١) لأن الإصابة لم تكن بقوة الرامي، بل بقوة الريح، فهو نظير سَهم موضوع في موضعٍ حمله الريح، فضربه على صيد فمات، وفعلُ الريح لا يكون ذكاة الصيد. صرّح به السرخسي، راجع "المبسوط" ١١/ ٢٥٢.
(٢) وكذلك لو أصاب السهم حائطًا أو شجرا أو شيئًا آخر فردّه، فهو وردّ الريح سواء في جميع ذلك، لأن مضيه إلى ما وراءه بصلابة الشجر والحائط لا بقوة الرمي. انظر "المبسوط" ١١/ ٢٥٢.
(٣) لأنه ما دام يمضي في سُننه، فمضيه مضاف إليه قوة الرامي والريح يزيده في قوته، فلا ينقطع به حكم الإضافة، أما إذا ردّه الريح يمنة أو يسرة وقطع سُننَه فقد انقطع حكم هذه الإضافة، لأن الرامي لا يحب مضي السهم يمنة أو يسرة، فيصير مضافا إلى الريح لا إلى الرامي. انظر "المبسوط" ١١/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>