للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج الإمام قاضي خان في التأصيل]

برزت معالم التأصيل عند قاضي خان في شرحه واضحة المعالم، وتميزت من الدقة والثقة والإحكام، مع غزارة المادة وعمق الفكرة ودقة التفقه وقوة الاستنباط والفهم، ويظهر فيها بكل وضوح شخصية قاضي خان الاجتهادية وملكته الفقهية التي صار بها "فقيه النفس" على حد تعبير العلامة قاسم بن قُطلوبُغا والعلامة ابن عابدين، كما يتبدى ذلك الناظر في الكتاب، وفيما يلي أشير باختصار إلى المنهج الذي سار عليه قاضي خان عند التأصيل:

١ - التزم بأن يستهل كل باب بأصل أو أصلين أو أصول. والمنهج السائد هو التأصيل في فاتحة الباب، إلا أنه أحيانا يؤصل لكل فصل عند بدءه.

وعموما يذكر القواعد والضوابط في فاتحة الباب، ثم يزيد عليه أثناء شرح المسائل.

٢ - يفصح عن تأصيله للباب بقوله: "بنى الباب على أصول: منها .. " وقد يعبر بقوله: "أصل الباب" ثم يذكر غيرها بعنوان "حرف آخر".

٣ - في بعض الأبواب يتعرض لأدلة الكتاب والسنة أولا، ثم يخلص منه إلى ذكر ضابط تتخرج عليه مسائل الباب (١).

٤ - كثيرا ما يدمج قواعد متعددة في أصل واحد، لارتباط بعضها ببعض، وأمثلة ذلك كثيرة، أكتفي بواحدة منها، قال في أول باب من كتاب الشهادات:

"بنى الباب على أصلين:

أحدهما: أن جهالة المشهود به تمنع صحة الشهادة؛ لأن المقصود من الشهادة القضاء، والقضاء إلزام، وإلزام المجهول لا يتحقق.

والثاني: أن القاضي لا يقضي بدليل فيه شبهة، ولا ينقض قضاؤه بدليل فيه شبهة،


(١) كما يظهر في باب من يغسل من الشهداء ومن لا يغسل ص ١٨٤ - ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>