للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وشيخه الإمام أبو يوسف رحمه الله، كان يقدّر زميله وتلميذه، ويعترف بفضله، جاء في "الأنساب": "عن أبي جعفر الهِندُواني: يُحكى عن أبي يوسف أن محمد بن الحسن كتَب إليه من الكوفة - وأبو يوسف ببغداد -: أما بعد، فإني قادم عليك لزيارتك، فلما ورد عليه كتاب محمد بن الحسن، خطب أبو يوسف ببغداد، وقال: إن الكوفة قد رمَت إليكم أفلاذ كبدها، فهذا محمد بن الحسن قادم عليكم، فهيّئوا له العلم" (١).

وقال الإمام أحمد بن حنبل: إنه أبصر الناس بالعربية (٢).

[منزلته العلمية]

لقد تبوأ الإمام محمد بن الحسن درجة رفيعة في العلم، ومكانة بارزة بين الأئمة، فقد كان فقيها مجتهدا في الفقه الإسلامي على منهج الإمام أبي حنيفة، المنهج الذي استكمله على أبي يوسف بعد وفاة أبي حنيفة رحمهم الله جميعًا.

وأكبر شاهد على ذلك أنه توجد له أراء اجتهادية خاصة في بعض الفروع الفقهية، كما يدل ذلك على أنه كانت له أصول فقهية معينة، وقواعد ثابتة، وطرق استنباط خاصة في تلك الفروع، وإن لم يعثر على تلك الأصول والطرق منصوصا عليها عنه. إلا أن أكثرها عرفت باستقراء كثير من فروعه الفقهية من خلال كتبه وشروحها. فقد كان عالما بالكتاب ووجوهه، لأنه المصدر الأصلي في التشريع الإسلامي. وبالحديث المصدر الثاني بعد الكتاب. ويرجع الفضل بعد الله تعالى إلى محمد في نشر فقه أبي حنيفة بين الناس. (٣) وانتهت رئاسة الفقه بالعراق إليه بعد الإمام أبي يوسف (٤).

وكان غزير العلم، فقد روى الصيمري في وصفه: "أن منزلته في كثرة الرواية والرأي


(١) "الأنساب" للسمعاني ٧/ ٤٣٥.
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: تاج التراجم ص ٢٣٧، الأعلام للزركلي ٦/ ٨٠، الفوائد البهية ص: ١٦٣.
(٤) مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>