للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نشأته واتصاله بحلقة الإمام أبي حنيفة]

أما نشأته، فقد كانت في الكوفة، حيث تلقى العلم على فقهاءها المشهورين، وقد كان أبوه ثريا، فنشأ محمد نشأة سعيدة، وكان ذكيا، قويّ الذاكرة، سريع الخاطر، جميل الخِلق والخُلق، سمينا خفيف الروح، ذا صحة وقوة. (١)

وجاء في وصفه أن أباه قدم به إلى الإمام أبي حنيفة، فقال الإمام لوالده: احلق رأسه وألبسه الخُلقان (٢) ففعل، فزاد عند الحلق جمالا. (٣) ومنذ أن بلغ سن التمييز تعلم القرآن وحفظ منه ما تيسر له حفظه، وبدأ يحضر دروس اللغة العربية والحديث في الكوفة التي كانت تزخر بكثير من العلوم كالحديث والفقه وعلوم اللغة العربية ونحوها. (٤)

وذكر محمد زاهد الكوثري: أن محمدا لما بلغ أربع عشرة سنة حضر مجلس أبي حنيفة ليسأ له عن مسألة نزلت به، فسأله قائلا: ما تقول في غلام احتلم بالليل بعد ما صلى العشاء هل يعيد العشاء؟ قال: نعم، فقام وأخذ نعله وأعاد العشاء في زاوية المسجد. وهو أول ما تعلم من أبي حنيفة، فلما رأه يعيد الصلاة أعجبه ذلك، وقال: إن هذا الصبي يفلح إن شاء الله تعالى، وكان كما قال. (٥) ثم ألقى الله سبحانه في قلبه حب التفقه في دين الله بعد أن رأى جلال مجلس الفقه فعاد إلى المجلس يريد التفقه. (٦)


(١) انظر الفهرست لابن النديم ص: ٢٥٧، تاج التراجم ص: ٢٣٧، طبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده ص: ١٧، بلوغ الأماني ص: ٥.
(٢) الخُلقان، جمع الخَلَق، وهو البالي من الثياب والجلد وغيرها. والمقصود به هنا هو الثياب البالي. انظر: القاموس المحيط، باب القاف، فصل الخاء ص ١١٣٧، المعجم الوسيط، مادة (خلق) ١/ ٢٥٢.
(٣) انظر: مناقب أبي حنيفة ٢/ ٤٢٠.
(٤) انظر: بلوغ الأماني ص: ٥.
(٥) انظر القصة في مناقب أبي حنيفة للكردري ٢/ ٤٢٨ ففيه بيان مجيئه إلى الإمام وسؤاله وجواب الإمام له.
(٦) بلوغ الأماني في سيرة محمد بن الحسن الشيباني ص ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>