للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد موته: الدين على الميت ألف درهم، وصدّقهم صاحب الدين، وقال الموصي له: لا بل هو مائة، فالقول في ذلك قول الموصي له، وله ثلث ما يبقى بعد الدين على قوله، ويصدق الورثة على أنفسهم، لما قلنا.

[الفصل الرابع]

رجل أوصى لرجل بما بقي من ثلث ماله، وقال: لفلان عليّ دين، فصدّقوه، أولا يقول: إذا قال المريض: لفلان علىّ دين فصدقوه.

فيه قياس واستحسان، في القياس لا تصح الوصية، ولا يصدق مدعي الدين إلا ببينة، وفي الاستحسان تصح هذه (١) الوصية، ويصدق مدعي الدين إلى ثلث ماله من غير بينة (٢).

وجه القياس: أن هذه وصية بما يخالف حكم الشرع؛ لأن حكم الشرع أن لا يصدق المدعي إلا بحجة (٣)، فلا تصح هذه الوصية، كما لو قال: إذا أقام رجل شهودا فُسّاقا على الدين، فاقبلوا وأعطوه؛ فإنها لا تصح قياسا واستحسانا.

وجه الاستحسان: أن الموصي له سلّطه على ماله، وهو محتاج إلى هذا التسليط؛ فإن الإنسان قد يكون بيّنه وبين صاحب الدين قضاء وإيفاء، ولا يعرف قدر الباقي، فيحتاج إلى تفويض الأمر إليه، احترازا عن الكذب، وأنه يملك التبرع للمعلوم بثلث ماله، فيملك


(١) "هذه" ساقط من (ج) و (د).
(٢) انظر "مختصر اختلاف العلماء" لأبي بكر الجصاص، ٥/ ٣٦، ٣٧.
(٣) قال اللكنوي معلّقا على قوله: "فصدّقوه": مخالف لحكم الشرع؛ لأن المدعي لا يصدق من غير حجة، فبطل، لكن قصده من هذا تقديمه على الورثة، فكان وصية، فلا يزاد على الثلث. انظر "النافع الكبير شرح الجامع الصغير" للعلامة عبد الحي اللكنوي، ص ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>