للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت المضاربة بمنزلة البضاعة، وإنما (١) يفترقان من وجهين:

أحدهما: أنّ في البضاعة لا يستحق الأمور على الآمر شيئا، وفي المضاربة يستحق أجر المثل، لأن المضارب لا يعمل مجّانا، بل يبتغي المال بعمله، فإذا لم ينل المال عند فساد المضاربة بأن كان رأس المال ثوبا، أو [كان] (٢) رأس المال دراهم، ولم يبين حصته من الربح، فقال: هذه الألف مضاربة (٣)، فباع، واشترى، كان له أجر المثل.

أما المستبضع لا يبتغي بعمله مالًا لنفسه، فلا يستحق شيئا على الآمر، وهو نظير ما لو قال لغيره: ملّكتك هذه العين، ولم يسمّ ثمنا، كانت هبة، ولو قال: بعتك هذه العين، ولم يسمّ ثمنا كان بيعا فاسدا، إذا قبضه يكون مضمونا عليه بالقيمة.

والثاني: أن المضارب يملك بيع ما اشترى، والمستبضع لا يملك؛ لأن المضاربة وضعت للاسترباح، وذلك لا يحصل إلا بالبيع والشراء، أما البضاعة قد تكون للتجارة، وقد تكون للانتفاع بالعين؛ فلا يملك البيع إلا بالتنصيص، حتى لو قال: "خذ هذه الألف، أو هذه الدراهم بضاعة، فاشتر لي بها وبع لعلّ الله يرزقني من ذلك رزقا"، كان له أن يشتري بها، ويبيع لمكان التنصيص.

ولو دفع إليه ألف درهم، ولم يسمّ بضاعة ولا مضاربة، لكن قال: "خذ هذه الألف، فاشتر لي بها الأشياء"، جاز (٤)؛ لأن "الأشياء" جمع معرّف، وهو أعمّ (٥) من


(١) في (ا) و (ب): "إلا إنما".
(٢) ما بين المعكوفتين سقطت من الأصل وأضيفت من (ا) و (ج).
(٣) العبارة في (ا) و (ب): "فقال: خذ هذه الألف مضاربة فأخذها فباغ".
(٤) انظر "الفتاوى الهندية": ٤/ ١٨٦.
(٥) في (ج) و (د): "وهم أعم".

<<  <  ج: ص:  >  >>