للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بضمان الجناية معنى، فيخرجه من أن يكون مستفادًا بعقد المضاربة ضرورة.

والثاني: أن مؤنة الملك تدور مع الملك.

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله: رجل دفع إلى رجل ألفًا مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بها عبدا يساوي ألفي درهم، فقتل العبد رجلًا خطأ لم يدفع العبد بالجناية حتى يحضر المضارب وربّ المال؛ لأن نصف الربح للمضارب، فكان العبد مشتركًا بينهما، ربعه للمضارب، والباقي لرب المال، فلا ينفرد أحدهما بالدفع.

ولا يقال: بأن ولاية التصرف في مال المضاربة للمضارب، فينبغي أن ينفرد بالدفع، كالعبد المأذون له إذا جنى عبدٌ من اكسابه جنابة، كان له أن يدفعه بالجناية.

لأنا نقول: المضارب يتصرف بحكم النيابة والأمر، ولهذا يرجع بالعهدة على رب المال، فلا يتصرف إلّا بما فوض إليه، وأنه فوّض إليه التجارة، والدفع ليس بتجارة؛ لأن المقصود من التجارة الاسترباح، والدفع إتواء، فلا يملكه المضارب.

أما العبد المأذون يتصرف بحكم الأصالة، والتحق بالأحرار في التصرفات المالية سِوى التبرّع، ألا ترى أن المأذون (١) يملك الفدىَ من كسبه، والمضارب لا يملك الفدى من مال المضاربة.

فإن حضرا ودفعاه بالجناية بطلت المضاربة لهلاك رأس المال لا إلى خلف، فإن اختار الفدى (٢) كان الفدى عليهما أرباعًا، الربع على المضارب، والباقي على ربّ المال؛ لأن الفدى مؤنة الملك، والعبد بينهما أرباعا، فكذلك الفدى كالزكاة، ويخرج العبد عن


(١) قوله: "أن المأذون" ساقط من (ج) و (د)، وثبت في (أ) و (ب).
(٢) كذا في الأصل، وفي (أ) و (ب). وجاء في (ج) و (د): "وإن فدياه كان الفدى".

<<  <  ج: ص:  >  >>