للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله على رجل ألف درهم دَين، فقال الغريم: قبض مني الميت خمس مائة درهم، وصدقه أحدهما، وكذّبه الأخر، قال يأخذ المكذب من الغريم خمس مائة درهم، ولا شيء للمصدق؛ لأن المصدق لما صدقه في الأستيفاء فقد أقرّ على مورثه بدين خمس مائة، لما ذكرنا أن الإقرار بالاستيفاء إقرار بالدين (١).

ولو أقرّ على مورثه بدين خمس مائة، وكذّبه الآخر يقضي ذلك من نصيبه (٢)، ولا يسلم له شيء من الميراث لكون الدين مقدمًا على الميراث، فكذلك هذا.

فإن قال المصدق الابن للغريم: إنك أقررتَ على نفسك بخمس مائة للميت، نصفها لي، ونصفها للابن الآخر، فلي أن أرجع عليك بمائتين وخمسين، لا يلتفت إليه، لأن القاضي صرَف إقرارَه إلى نصيبه، فلا يبقى له حق المطالبة شيء.

كما لو أقرّ أنه استوفى بنفسه خمس مائة ولأن المصدق لو رجع على الغريم شيء لا يفيد، فكذا إذا أقرّ بالاستيفاء (٣)، ينصرف الإقرار إلى نصيبه؛ لأنه لا يفيد الرجوع؛ لأنه لو أخذ منه شيئًا تَنتقض المقاصة بذلك القدر، فيصير ذلك القدر دَينًا للغريم على الميت، فكان له أن يرجع بذلك في نصيب المصدّق من التركة فلا يفيد، وليس للمصدق أن يشارك المكذب فيما قبض من الغريم؛ لأن من حجة المكذب أن يقول: إنك قد أتلفتَ حقك


(١) "المبسوط" ١٨/ ١٨١.
(٢) ونظيره ما ذكر في تكملة "فتح القدير": ومن مات وترك ابنين وله على أخر مأته درهم فاقرا حدهما أن اباة قبض منهما خمسين لا شيء للمقر ولآخر خمسون. ٧/ ٣٧٣.
(٣) راجع "المبسوط" ١٨/ ٤٥ - ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>