للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حق غيرهما إلا إذا اتصل بالاستناد حكم شرعي، لأن حكم الشرع يظهر في حق الكل، فيظهر الاستناد في حق الكل.

والثاني: أن هلاك الجاني، لا إلى الخلف يبطل في حق ولي الجناية، وهلاكه إلى خلف لا يبطل؛ لأن موجب الجناية يتعلق بنفس الجاني، وبطلان محلّ الحق موجب بطلان الحق، إلا إذا فات إلى خلَف؛ لأن البدل يقوم مقام المبدل، فيتحول الحق إليه.

والثالث: أن المخير بين أمرَين إذا اختار أحدَهما، بطل الآخر؛ لأن ما اختاره تعين حقا له من الأمر (١).

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله:

رجل اشترى جاريةً بألف درهم، فقبضها، فقتلت عنده قتيلا خطأ، ثم ماتت، فاستحقها رجل بالبينة، وقضى له القاضي، فهو بالخيار إن شاء ضمن البائعَ قيمتها، وإن


(١) هذه قاعدة أصولية هامة تعرض لها الفقهاء والأصوليون، وترتب عليها فروع كثيرة في الفقه، أشار إليه الإمام الجصاص في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨]. فقال: "من كان مخيرًا بين أحمد شيئين فاختار أحدهما كان الذي اختاره هو حقه الواجب له، قد تعين عليه حكمه عند فعله كأنه لم يكن غيره". "أحكام القرآن" ١/ ١٨٩، ونص عليه الإمام السرخسي بقوله: "المخير بين شيئين إذا اختار أحدهما تعين ذلك باختياره"، وقال في موضع آخر: "المخير بين الشيئين إذا أدى أحدهما تعين ذلك من الأصل واجبًا". انظر "المبسوط" ٢٥/ ١٢٤، ١٣٣، ٢٠/ ٤٧، ٣/ ١٥.
وينظر: "الفصول في الأصول للجصاص" ٢/ ١٤٧، "كشف الأسرار" للنسفي ١/ ٣١٤، "القواعد" لابن رجب ص ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>