للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت الجارية هلكت عند المشتري، ثم استحقت يرجع المستحق بقيمتها على أيّهما شاء، لأن كل واحد منهما غاصب في حقّه.

فإن ضمن البائع نفذ البيع، وسلّمت القيمة للمستحق، لا حقَّ لوليّ الجناية فيها؛ لأن البائع ضمن القيمة من وقت الغصب فكانت القيمة واجبة قبل الجناية فلا يتحول إليها الجناية (١)، ثم يضمن البائع قيمة أخرى لأولياء الجناية؛ لأن البائع (٢) ملكها من وقت الغصب، فظهر أن الجناية كانت في ملك البائع، وقد أخرجها عن ملكه بالبيع على وجهٍ لا يصير مختارا للفداء.

أما إذا لم يكن عالما بالجناية فظاهر، وإن كان عالما فكذلك؛ لأنه لم يكن مالكا وقت البيع ظاهرا، واخيار الفداء لا يتحقّق إلا من المالك، فإذا أخرجها عن ملكه على وجه لا يصير مختارا، كان عليه القيمة لأولياء الجناية.

وإن ضمن المستحق المشتري، بطل البيع، ويرجع المشتري بالثمن على البائع لما مرّ، ولا تسلم القيمة للمستحق، بل يدفعها إلى وليّ الجناية؛ لأنها بدل جارية مشغولة بالجناية، فتتحوّل إليها الجناية.

ثم يرجع المستحق على البائع بقيمة أخرى، لا على المشتري؛ لأنه أخذ جارية مشغولة، وردّ قيمة مشغولة، فيخرج عن الضمان، وإنما يرجع على البائع؛ لأن القيمة استحقّت من يده بسبب كان في ضمانه، فيرجع عليه بالقيمة، والهبة في هذا بمنزلة البيع إلا أنه إذا ضمن الواهب لا يرجع على الموهوب له.


(١) قوله: "فكانت القيمة واجبة قبل الجناية فلا يتحول إليها الجناية" ساقط من (ج) و (د).
(٢) في (ج) و (د): "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>