للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما التفاوت بين الرطب والتمر يسير، ولهذا لا ينقطع حق المالك في الغصب، بل بخير (١).

وقال بعضهم: إنما افترقا لأن العنب لا يصير زبيبا إلا بالمعالجة، والمعالجة (٢) والإعداد للحاجة دلالة الرجوع، كما لو ذبح الشاة الموصى بها، أما الرطب يصير تمرا بدون المعالجة، فلم توجد دلالة الرجوع، وعن هذا انقطع حق المالك في غصب العنب، ولم ينقطع في التمر؛ لأنه يعتمد إحداث الصنعة المتقومّة.

ولو أوصى ببقل، فصار حبا، أو بِقَصيل (٣)، فانعقد الحب، وصار شعيرا، أو ببَيض، فحضنت عليه الدجاجة، وأخرجت فرخا، بطلت الوصية.

وكذا لو أوصى بحنطة في أرض، فأصابها ماء فنبتَت، بطلت الوصية؛ لأن العين قد تبدلت لزوال الاسم والمعني.

ثم شبّه في الكتاب الوصيةَ بهذه الأشياء بالتوكيل بالبيع، فما يبطل به التوكيل بالبيع، تبطل به الوصية، وما لا فلا، لأن كل واحد منهما عقد غير لازم، لا يفيد الحكم في الحال، وإنما يفيد المقصود في الثاني، فاستويا.

هذا إذا تغيّرت الوصية قبل موت الموصي، فإن تغيّرت بعد موته، لا تبطل


(١) فلو غصب غاصب رطب انسان، فصار تمرا في يده، لا ينقطع حق المالك، بل يكون له الخيار إن شاء أخذه تمرا، وإن شاء ضمنه رطبا مثل رطبه. "بدائع الصنائع" ٧/ ٣٨٥.
(٢) "والمعالجة" ساقط من (ج) و (د).
(٣) "القصيل": من القَصل، وهو قطع الشيئ، والقصيل: الشعير، يُجزّأ أخضر لعلف الدوابّ، وقال المطرزي: إن الفقهاء يسمُون الزرع قبل إدراكه قَصيلا، وهو مجاز "المغرب" ٢/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>