للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله:

رجل أوصى لآخر بما عليه من الدين، وأوصي لآخر بما بقي من ثلث ماله، ثم مات، وترك ألفي درهم عينا، فقالت الورثة: كان الدين على الغريم ألف درهم، ولم يبق من الثلث شيء، وقال الموصي له ببقية الثلث: كان الدين على الغريم خمسمائة، وبقي من الثلث ثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فلي بقية الثلث، فالقول في ذلك قول الورثة؛ لأن محل الوصية الثانية ما يبقى من الثلث، فإذا أنكروا وجود ذلك، والوصية لا يثبت إلا في محلها، فقد أنكروا ثبوت الوصية.

ولو أنكروا الوصية الثانية أصلا، كان القول قولهم؛ لأنهم أنكروا حقا لم يعرف ثبوته، فكذلك ههنا، يكون القول لهم، مع أيمانهم على علمهم؛ لأنهم ينكرون دَينا على غيرهم.

ولا يقبل قول الغريم في ذلك وإن كان ينكر زيادة الدين على نفسه، لأن إنكاره شهادة على الورثة بثبوت الحق الثاني في المال العين، وإنما يقبل قول الغريم في رفع الاستحقاق عن نفسه، لا في إثبات حق على الغير (١).


= الوجه الأول مدعي، ومجرّد الدعوى لا يصلح سببا للاستحقاق … ثم استشهد على ما قرّره من القواعد بقوله عليه الصلاة والسلام: "لو يُعطى الناس بدعواهم، لادّعي قوم دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" أخرجه الإمام مسلم بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه، في الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، الحديث: ٤٤٤٥.
وانظر: "التحرير في شرح الجامع الكبير" ٢/ ورق ٧٠٢، "نكت الجامع الكبير" للكرماني، ورق ١٢٥، و "بدائع الصنائع" ٧/ ٢٣٣.
(١) لما تقرر عند الفقهاء أن إقرار الإنسان حجة على نفسه، وليس بحجة على غيره، وأن إقرار الإنسان يقتصر عليه، ولا يتعدّى إلى غيره. راجع ص ١٥٩٨ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>