للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا قوله عليه السلام: "مَن أحيل على مَلئ فليَتبَع" (١) شرط الملاءة، ولو كان الدين على المحيل كما كان، لم يكن لشرط الملاءة معنى وفائدة (٢)، ولأن الحوالة مأخوذة من النقل والتحويل، فتوجب نقل الدين (٣)، والشيء إذا انتقل عن مكان لا يبقى في ذلك المكان، أما الكفالة تنبئ عن الضم، والضم (٤) لا يتحقق إلا مع بقاء الأول (٥).

ولهذا يقال في العرف: "لي على فلان ألف، وفلان كفيل بها"، ولا يقال: "لي على فلان ألف، وفلان حويل بها" كما لا يقال: "لي في موضع كذا حنطة، وقد حولتها إلى موضع كذا".

وإنما يأخذ المال من المحيل إذا مات المحال عليه مفلسا (٦)؛ لأنَّه لم يرض بالحوالة إلا بشرط السلامة، فبهذا لم يسلم، يفوت الرضى، فلا يلزم العقد، وغير اللازم يحتمل


(١) سبق تخريجه في ص ١٤٤٣.
كما استدل الحنفية على ذلك بما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال في المحال عليه إذا مات مفلسًا عاد الدين إلى ذمة المحيل، وقال: "لا توى على مال امرئ مسلم". والتوى: الهلاك، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٧١.
(٢) "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦، و"فتح القدير" ٧/ ٢٢٢.
(٣) "ردّ المحتار" ٥/ ٣٤٠، و"فتح القدير" ٧/ ٢٢١.
(٤) في (ج) و (د): "وأنَّه لا يتحقق".
(٥) "فتح القدير" ٧/ ٢٢١، و"مجلة الأحكام العدلية" ص ١١٥، و"بدائع الصنائع" ٦/ ٢، والجوهرة النيرة ١/ ٤٠٠.
(٦) "فتح القدير" ٧/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>