وجه ظاهر الرواية: أن هذه عيوب حكمية لا أثر لها في العين، فزوالها لا يوجب زيادة وتغيرا في العين، فلا يمنع الرجوع، كزيادة السعر والنقل من بلد إلى بلد يباع فيه بأكثر، بخلاف الزيادة الحقيقية؛ لأنها تغير العين.
وإذا رجع الواهب في الهبة يعود الدين والجناية عند أبي يوسف، ولا يعود عند محمد.
لمحمد: أنه سقط الدين والجناية، والساقط يتلاشى، فلا يتصور عوده، وبالرجوع لا يظهر أن الهبة لم تكن، ولهذا لو وهب دارا ثم رجع في نصفها لا تبطل الهبة فيما بقي ولو صارت الهبة في النصف كأن لم تكن، تصير كهبة المشاع، فتبطل في الباقي، بخلاف الحوالة؛ لأن ثَمّة لم يسقط الدين، وإما تحوّل من ذمة إلى ذمة.
وبخلاف ما إذا صالح من الدين على عين، أو باع عينا بالدين الذي عليه ثم استحق العين، أو هلك قبل التسليم حيث يعود الدين؛ لأن ثمة لم يسقط الدين، أما في البيع: فلأنه صار قصاصا بالثمن، وسقطت المطالبة مع بقاء الدين، وفي الصلح تحول الدين إلى بدله، ولم يسقط، وفي مسئلتنا سقط الدين؛ لأنَّه لو بقي بقي (١) لنفسه على نفسه، وذلك ممتنع، وبعد ما سقط لا يتصور عوده.
ولأبي يوسف: أن هذه براءة وقعت حكما للهبة، فإذا انتقضت الهبة، وعاد إليه قديم ملكهـ، عاد ما كان متعلقا به، كالعبد المديون إذا أسره العدو، ثم وقع في سهم واحد من الغانمين، فأخذه المالك القديم بالقيمة، يعود الدين.