للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالق الساعة واحدة، وغدا أخرى بألف، أو قال: أنت طالق واحدة، وأنت طالق أخرى بألف.

وإنما قلنا ذلك؛ لأن كلمة "على" وإن كانت للشرط (١)، لكن تعذّر حملها على الشرط هنا؛ لأن وقوع الطلاق في الغد لا يصلح شرطا للطلاق المنجز، فتحمل على العطف، لما بينهما من المشابهة، في بين الشرط والجزاء اتصالا في الوجود، لا يوجد الجزاء إلّا بعد وجود (٢) الشرط، فكذلك في العطف.

وإذا صار مجازا عن العطف كان البدل مقابلا بهما، إذ ليس أحدهما بصرف البدل إليه بأولى من الآخر، ولهذا لو كان مكان البدل استثناء ينصرف إليهما.

وإذا جاء غدٌ يقع تطليقة أخرى بغير شيء، أما وقوع الطلاق لوجود الوقت المضاف إليه، وأما بغير شيء فلأنها صارت مبَانة بالأولى، ومن شرط وجوب البدل بالطلاق أن لا تكون مبانة قبل الطلاق؛ لأنها إذا كانت مبانة مالكة نفسَها قبل الطلاق (٣)، لا تستفيد بهذا البدل شيئا، فلا يجب المال.


(١) "على": هو للإلزام باعتبار أصل الوضع، لأن معنى حقيقة الكلمة من عُلو الشيء على الشيء وارتفاعه فوقه، وذلك قضية الوجوب واللزوم، ثم تستعمل "على" للشرط باعتبار أن الجزاء يتعلق بالشرط، ويكون لازما عند وجوده، كما في قوله تعالى: {يُبايِعنَكَ على أن لا يُشرِكنَ بِالله شيئا} سورة الممتحنة، الآية: ١٢. راجع "أصول السرخسي" ١/ ٢٢١، و "بدائع الصنائع" ٣/ ١٥٣.
(٢) وفي (ا) و (ب) "إلا بوجود الشرط".
(٣) "قبل الطلاق" ساقط من (ا) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>