للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الجامع الكبير" من أهمّ مصنفات الإمام محمد وأعمقها وأدقّها فقها، ويعتبر من أجلّ كتب ظاهر الرواية لاحتوائه على مسائل عَويصة وفروق فقهية دقيقة، وهذا الكتاب يمثل ظاهرة التعليل وضبط الفروع بالأصول خير تمثيل، وكان يحتار في فهمه كبار العلماء، ولذا كان يعدّ معيارا لدى الفقهاء يختبر به تفاوت مداركهم ومبلغ يقظتهم في الفقه. يقول الإمام السرخسي رحمه الله: "من أراد امتحان المتبحرين في الفقه، فعليه بأيمان الجامع" (١).

وروى ابن أبي العوام بسنده عن الأخفش ثناء بالغا في حق هذا الكتاب (٢).

وقال عنه ابن شجاع: "لم يؤلف في الإسلام مثله في الفقه" (٣).

وقال عنه الإمام أبو بكر الرازي في شرحه للجامع الكبير: كنت أقرأ بعض مسائل من الجامع الكبير على بعض المبرزين في النحو (يعني أبا علي الفارسي) فكان يتعجب من تغلغل واضع الكتاب في النحو (٤).

وروى الجامع الكبير جماعة من أصحاب الإمام محمد، ومن أشهر رواة الكتاب: أبو سليمان الجوزجاني، وأبو حفص الكبير، وعلي بن معبد بن شدّاد، وهشام بن عبيد الله الرازي، ومحمد بن سَماعة التميمي.

وصنف الإمام محمد الجامع الكبير مرتين: صنفه أولا فرواه عنه أصحابه، ثم أعاد النظر فيه ثانيا، فزاد فيه أبوابا ومسائل كثيرة، وصاغ عباراته في كثير من المواضع حتى صار أحسن لفظا وأغزر معنى، فرواه عنه أصحابه ثانيا (٥).

ونظرا إلى صعوبة الكتاب ودقته شرحه عشرات من الأئمة المتقدمين والمتأخرين،


(١) شرح السير الكبير ١/ ٢٥٢.
(٢) انظر مقدمة "الجامع الكبير" ص ٢ للأستاذ أبي الوفاء الأفغاني.
(٣) انظر: "بلوغ الأماني" ص ٦٣.
(٤) انظر: "بلوغ الأماني" ص ٦٣.
(٥) انظر "أبو حنيفة، حياته وعصره، آراؤه وفقهه" لأبي زهرة ص ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>