للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختيار (١)، والخاص لا يفسّر بالعام، ولا يصلح أن يكون الأمر حكمًا للاختيار، لأن الأمر يُنبِئ عن المِلك، والملك لا يثبت بالاختيار، بل الاختيار يثبت بالملك، فتعذّر أن يجعل الثاني تفسيرًا وحكما للأوّل، وأمكن أن يجعل الأمر عِلّة للاختيار، لأن العِلّة مما يقدّم ويؤخّر، يقال: "أتاك الغَوث، فأبشِر"، و"أبشِر، فقد أتاك الغوث" (٢).

وإذا جعل الأمر عِلّة للاختيار، صار كأنه قال: "اختاري، لأني جعلت الأمر بيدك، فطلّقي نفسك"، فإذا اختارت [نفسها] (٣) أو طلَّقت، تقع واحدة بائنة، ويحلف بالله (٤) ما أراد به الثلاث، لأن العامل لفظة الأمر، وإنها تحتمل الثلاث (٥).

ولا يقال: لما تعذّر أن يجعل الأمر تفسيرًا وحكمًا لما تقدم، يجعل عَطفًا، لأنا نقول: حرف الفاء للعِلّة، وأمكن جعله عِلّة، فلا يجعل عطفًا، ولأنّا لو جعلناه عَطفًا، يقع ثِنتان، ولو حملناه على ما قلنا، تقع واحدة، فلا تقع الزيادة بالشك.

ولو قال: "اختاري، وأمرك بيدك، فطلّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي أو


(١) وفي النسخ الأخرى: "منه".
(٢) قال الكاساني: إن الفاء قد تذكر في موضع العلّة، وقد تذكر في موضع الحكم، كما يقال: "أبشر فقد أتاك الغوث"، ويقال: "قد أتاك الغوث فأبشر". "بدائع الصنائع" ٣/ ١٢٠، وانظر "أصول السرخسي" ١/ ٢٠٨.
(٣) ما بين المعكوفتين: زيادة من (أ) و (ب).
(٤) "بالله" ساقط من النسخ الأخرى.
(٥) قوله: "وإنها تحتمل الثلاث" ساقط من (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>