للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحقيقًا للشركة، وهي لا توصف بالطلاق في الحال بتطليقة مضافة إلى الغد، فاقتَضَى وقوعَ تطليقة أخرى تنجيزًا، وتنجيز الطلاق في الحال لا يمنع بقاء الإضافة الأولى، وإذا بقيت الإضافة، تقع أخرى في وقتها.

فإن عنى وقوع طلاق واحد في الوقتين، دُيّن فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه نوى ما يحتمله لفظه بالتقديم والتأخير إلا أنه خلاف الظاهر، وفيه تخفيف، فلا يصدّق قضاءً.

وكذا لو قال في النهار: "أنت طالق في ليلك ونهارك"، يقع تطليقتان لما قلنا.

ولو قال لامرأته: "أنت طالق في قيامكِ وقعودكِ" وهي مضطجعة، فقعدت، لم تطلق حتى تقوم (١).

وكذا إذا قامت ولم تقعد، لم تطلق حتى تقعد، لأنه أدخل كلمة الظرف على القيام والقعود، والفعل لا يصلح ظرفًا على معنى أنه يوجد فيه، فلا يمكن العمل بحقيقة "في"، فيجعل مجازًا عن الشرط، صار كأنه قال: "أنتِ طالق إذا قمتِ وقعدت"، ولو صرّح بذلك كانا شرطًا واحدًا، ويتعلّق الطلاق بهما، ولا ينزل عند أحدهما، كذلك هنا.

ولو قال لها وهي مضطجعة: "أنت طالق في قيامك وقعودك"، فقعدت أو قامت، طلّقت، وأن قامت وقعدت، لا تطلق إلا واحدة، لأن كلمة "في" جعلت مجازًا عن الشرط لما ذكرنا، فصار كأنه قال: "أنت طالق إذا قمت وإذا قعدتِ"، [ولو صرّح بذلك، يتعلّق بأحد الفعلين، وإذا وُجِدا لا يقع إلا واحدة لما ذكرنا.

وإن نوى أن يقع طلاقان، فهو على ما نوى، لأن كلمة "في" لمّا جعل مجازًا عن


(١) "الفتاوى التاتارخانية" ٣/ ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>