للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من "طبقة المجتهدين في المسائل" الذين يجتهدون في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب، ومن هذه الطبقة الإمام الخصاف، والإمام الطحاوي، وأبو الحسن الكرخي، وشمس الأئمة الحلواني، وشمس الأئمة السرخسي، وفخر الإسلام البزدوي. وهذه الطبقة أعلى طبقة الفقهاء بعد طبقة المجتهدين في المذهب من أبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر وحسن بن زياد، وهذه الطبقة تميزت بخدمة الفقه الحنفي، ووضعت الأسس لنموه والتخريج والبناء على أقواله، كما وضعت أسس الترجيح فيه والمقايسة بين الآراء وتصحيح بعضها وتضعيف الآخر.

وهؤلاء الفقهاء، عملهم في الحقيقة يتكوّن من عنصرين على حد تعبير الشيخ أبي زهرة:

أحدهما: استخلاص القواعد العامّة التي كان يلتزمها الأئمة من الفروع المأثورة عنهم، فإنهم جمَعوها في قواعد وضوابط، واعتبروها الأصل الذي كان على أساسه الاستنباط، وكان مقاس الاستخراج السليم للأحكام الفقهية.

ثانيهما: استنباط الأحكام في المسائل التي لا نصّ فيها عن أئمة المذهب على حسب أصول قرّروها ومقتضى قواعد بسطوها (١).

ولقد نهَج الإمام قاضي خان على هذا النمط في مؤلفاته، خاصة في "الفتاوى" وفي


= وقد اعتمد كثير من العلماء تقسيم ابن كمال ياشا، فذكره عصام الدين طاش كبري زاده في مقدمة كتابه "طبقات الفقهاء" ص ٧ - ١٠ وفقَ ما جاء في كلام ابن كمال باشا، دون تعليق أو تغيير، ثم أعاد نصّها ابن عابدين في رسالته: "شرح عقود رسم المفتي" ١/ ١١، ١٢ من رسائل ابن عابدين، وفي كتابه "ردّ المحتار" ١/ ٧٧، كما ذكره العلامة اللكنوي في مقدمة "الفوائد البهية" ص ٦، و"النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير" ص ١٠، ١١ مع بعض الملاحظات. وقد وجّه إلى هذا التقسيم وترتب الطبقات وتوزيع الفقهاء عليها نقدٌ من قبل بعض العلماء إلا أنه خارج عن موضوعنا ولا يقدح ما ذكرنا، وقد فصّله الدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين خير تفصيل في كتابه "التخريج عند الفقهاء والأصوليين" فليرجع ص ٣٠١ - ٣١٠.
(١) "أبو حنيفة" للشيخ محمد أبي زهرة، بتصرف واختصار ص ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>