للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمامان المصححان في رتبة واحدة، أما لو كان أحدهما أعلم فإنه يختار تصحيحه، كما لو كان أحدهما في "الخانية"، والآخر في البزازية مثلا، فإن تصحيح قاضي خان أقوى، فقد قال العلامة قاسم: إن قاضي خان من أحق من يعتمد على تصحيحه" (١).

وذكر في مسائل الخلع من حاشيته على "الدر المختار":

"وقول الشارح أوّل الباب خلافا للخانية، تَبِعَ قولَ البحر، وإن صرّح قاضي خان بخلافه، ولم يظهر لي وجه ترجيح التصحيح الأول على الثاني مع أنهم قالوا إن قاضي خان بن أجلّ مَن يُعتمد على تصحيحه (٢).

ونقل ابن عابدين عن خير الدين الرملي: "وفي حاشيته للرملي بعد كلام نقله عن "الخانية" … وقد ذكر المسألة في جواهر الفتاوى، وذكر اختلافا كثيرا واختلاف تصحيح، ولكن عليك بما في "الخانية"، فإن قاضي خان من أهل التصحيح والترجيح. انتهى" (٣).

وفي مسائل قبض الهبة عن الصغير نرى أن ابن عابدين رجّح قول قاضي خان على قول صاحب الهداية وصاحب البدائع، فقال:

"فقد علمتَ أن "الهداية" و"الجوهرة" على تصحيح عدم جواز قبض مَن يَعوله مع عدم غيبة الأب، وبه جزَم صاحب "البدائع"، وقاضي خان وغيرُه من أصحاب الفتاوى صَحّحوا خلافَه، وكن على ذكر مما قالوا: لا يعدل عن تصحيح قاضي خان فإنه فقيه النفس، ولا سيما وفيه هنا نفع للصغير، فتأمل عند الفتوى" (٤).

فما نوّه به ابن عابدين ولقبه بأنه "فقيه النفس" يعتبر شهادة فقيه، خبيرٍ بكمّ هائل من


(١) "شرح عقوب رسم المفتي"، الرسالة الثانية في "مجموعة رسائل ابن عابدين" ١/ ٣٩، طبع دار سعادت محمد هاشم الكتبي ١٣٢١ هـ.
(٢) "حاشية ابن عابدين" ٢/ ٥٦٥، دار إحياء التراث، مصور عن طبع بولاق.
(٣) انظر "حاشية ابن عابدين" ٤/ ٢٤٨.
(٤) "حاشية ابن عابدين" ٤/ ٥١٣، وكذلك نجد اعتماد ابن عابدين على تصحيح قاضي خان في كتاب الحجر ٥/ ٩٣، و ١/ ٤٤٥، وأمثلة ذلك كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>