للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] فهذا لا يدلُّ على وقوع الفرقة باختلاف الدار، وإنما يدلُّ على أن المسلم ممنوعٌ من نكاح الكافرة المشركة، ونحن لا نقول ببقاء النكاح مع شركها، بل نقول: إنه موقوفٌ فإن أسلمتْ في عدتها أو بعدها فهي امرأته" (١).

وأجاب الحنفية عن ذلك:

بأن الآية الكريمة واردة في بيان حكم المؤمنات المهاجرات من دار الحرب إلى دار الإسلام، مفارقات أزواجهن المشركين في دار الحرب، والحكم الذي وردت به الآية هو وقوعُ الفُرْقَةِ بينَ المؤمنة المهاجرة إلى دار الإسلام، وبين زوجها الكافر في دار الحرب، وإباحة نكاحها لمن شاءت من المسلمين، فدلالة الآية على وقوع الفرقة باختلاف الدارين واضحة (٢).

وقوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] نصٌّ في وقوع الفُرْقَةِ بين الزوجين باختلاف الدار؛ لأن الزوجية لو كانت باقية بينهما لكان هو أحق بها (٣).

وأجيب عن ذلك:

بأن الآية الكريمة لا دلالةَ فيها على وجوب الفُرْقَةِ بين الزوجين في الحال عند اختلاف الدار بينهما، بل غاية ما تدلُّ عليه، هو أن الذي يوجب الفُرْقَةَ بين المسلمة وزوجها الكافر هو إسلامُها لا هجرتُها؛ لأن الله تعالى يقول: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] فبين أن العلة عدم الحل بالإسلام، وليس باختلاف الدارين (٤).

وكذلك قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] لا دلالةَ فيها على


(١) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (٢/ ٧٣١ - ٧٣٢).
(٢) أحكام القرآن، للجصاص، (٣/ ٤٣٠)، أحكام القرآن، لابن العربي، (٤/ ٢٣٠)، تفسير القرطبي، (١٨/ ٦٣ - ٦٤).
(٣) الجوهر النقي، لابن التركماني، (٧/ ١٨٩).
(٤) أحكام القرآن، لابن العربي، (٤/ ٢٣٠)، تفسير القرطبي، (١٨/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>