للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الفُرْقة بينهما عند اختلاف الدار، بل غاية ما تدلُّ عليه الآية -كما قال ابن القيم-: أن المسلم لا يجوز له أن يتزوج المشركة، وإذا أسلم لا يبقى النكاح بينهما إلا إذا أسلمت أثناء العدة، أما إذا لم تُسْلِمْ، فَيُفَرَّق بينهما؛ لاختلاف الدين بينهما (١).

٢ - مناقشة أدلتهم من السنة:

الحديث الذي استدلوا به، ضعيف الإسناد (٢)، فقد قال الإمام أحمد عن هذا الحديث: إنه ضعيفٌ أو واهٍ، ولم يسمعه الحجاج (٣) من عمرو بن شعيب إنما سمعه من محمد ابن عبيد العرزمي (٤)، والعرزمي حديثه لا يساوي شيئًا، والحديث الصحيح: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّهما على النكاح الأول" (٥)، وقال الترمذي: "في إسناده مقال" (٦)، وقال الدارقطني: "هذا الحديث لا يثبت، وحجاج لا يُحْتَجُّ به، والصواب حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَدَّها بالنكاج الأول" (٧).

وعلى فرض صحته، فهو معارَض بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي سبق بيانه، وهو أصح منه.

قال البيهقي: "بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال: سألت عنه البخاري


(١) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (٢/ ٧٣٢).
(٢) لأن فيه الحجاج بن أرطأة، قال عنه ابن حجر: "كثير الخطأ والتدليس"، تقريب التهذيب، (١/ ١٥٢).
(٣) هو الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي الكوفي، قاضٍ من أهل الكوفة، صدوق كثير الخطأ والتدليس، توفي بخراسان أو بالري سنة ١٤٥ هـ. تقريب التهذيب، (١/ ١٥٢)، وتاريخ بغداد، (٨/ ٢٣٠)، وميزان الاعتدال، (١/ ٢١٣).
(٤) هو محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي الفزاري الكوفي، أبو عبد الرحمن، كان يحفظ الحديث ويرويه، وليس بثقة، ضاعت كتبه فحدَّث من حفظه، فأتى بمناكير، ولد سنة ٧٧ هـ، وتوفي سنة ١٥٥ هـ، تقريب التهذيب، (٢/ ١٨٧)، والأعلام، (٦/ ٢٥٨).
(٥) مسند الإمام أحمد، (١/ ٣٥١).
(٦) سنن الترمذي، (٣/ ٤٤٧).
(٧) سنن الدراقطني، (٤/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>