وعلى فرض أن الحديث ليس منسوخًا، يمكن الجمعُ بين الحديثين، بأن معنى حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَدَّهَا عليه بالنكاح الأول، يريد على مثل النكاح الأول من الصداق وغيره، ولم يُحْدِثْ زيادةً على ذلك من شرطٍ ولا غيرِهِ (١).
وأجيب عن ذلك:
بأن حديث عمرو بن شعيب لا يقوى على معارضة حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ لأنه أصح فيقدم عند التعارض.
وقولهم: بأن حديث عمرو بن شعيب، وإن كان ضعيفًا، فإن الآية تؤيده وتشهد له، فهذا غير مسلَّم؛ لأن الآية لا دلالة فيها على وجوب وقوع الفرقة بين الزوجين في الحال، عند اختلاف الدار بينهما.
وبهذا يضعف استدلال الحنفية بهذا الحديث.
٣ - مناقشة أدلتهم من المأثور:
أثرُ عمر -رضي الله عنه- الذي استدلوا به، لا وجود له إلا في كتبهم، وليس موجودًا، في كتب السنن والآثار المشهورة، وهذا مما يُضْعِفُ الاستدلالَ به.
وعلى فرض وجوده، فلا دلالةَ لهم فيه؛ لأن عمر -رضي الله عنه- عندما قال: من أراد أن تَبِيْنَ امرأته منه فليهاجِرْ، قصد بذلك أنها تبين منه بالإسلام، لا باختلاف الدار؛ لأن اختلاف الدار لا أثر له في الفُرْقَةِ، وإنما الأثر لاختلاف الدين.
٤ - مناقشة أدلتهم من المعقول:
الرد على الوجه الأول:
قولهم بأن تباين الدارين مُفَوِّتٌ لمقاصدِ النكاحِ، هذا غير صحيح؛ لأن اختلاف