للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدار إنما يؤثِّر في انقطاع الولاية وعدم السيادة، وهما لا يوجبان انقطاعَ الزواج، وليس لهما تأثيرٌ في الفُرْقَةِ؛ ولهذا لو أسلمت المرأة في دار الكفر، ويقي زوجها الكافر مستأمنًا بدار الإسلام، لا تقع الفُرْقَةُ بينهما بمثل هذا التباين، ولا تقع الفُرْقَةُ بينهما إلا باختلاف الدِّينِ.

وكذلك لو دخل المسلم دار الكفر بأمان لا تقع الفُرْقة بينه وبين زوجته المسلمة التي في دار الإسلام، وأيضًا لو كان لانقطاع الولاية تأثير على الزواج لوقعت الفُرْقة بين الزوجينِ الذَينِ أحدهما في دار البغي، والآخر في دار العدل، وليس كذلك (١).

الرد على الوجه الثاني:

قولهم بأن أهل دار الحرب كالموتى في حقِّ أهل دار الإسلام، هذا غير صحيح؛ لأن هناك فرقًا بين الموت، واختلاف الدار، فالموت قاطع للأملاك، ومن بينها: عصمة النكاح، أما اختلاف الدار فهو غير قاطع للأملاك، وبهذا يكون لا أثر له في انقطاع العصمة بين الزوجين.

الرد على الوجه الثالث:

قولهم بأن الدار اختلفت بين الزوجين حقيقةً وحكمًا، فوجب أن تقع الفرقة بينهما، كالحربية إذا دخلت دار الإسلام بأمان، ثم أسلمت، فإن الفرقة تقع بينها وبين زوجها الذي في دار الحرب في الحال.

قال ابن القيم -رحمه الله-في الرد عليه-: "هذا مُنْتَقَضٌ بانتقالِ المسلم إلى دار الحرب، ودخول الحربية إلى دار الإسلام ودخول الحربي بأمان لتجارة أو رسالة، فإن الفرقة لا تقعُ، وأمَّا الحربية إذا دخلت دار الإسلام وأسلمت؛ فالموجِبُ للفُرْقة هناك اختلاف الدِّين دون اختلاف الدارين، ألا ترى أنه لو وُجِدَ في دار واحدة كان الحكم كذلك" (٢).


(١) أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (٢/ ٧٢٩ - ٧٣٠).
(٢) المرجع السابق، (٢/ ٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>