للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد على الوجه الرابع:

قولهم بأن اختلاف الدارين يقطع الميراث؛ فالذمي إذا مات في دار الإسلام، وخلف مالًا وله ورثة في دار الحرب، لم يستحقوا من ماله شيئًا؛ لاختلاف الدارين بينهم، فكذلك يقطع عصمة النكاح.

قال ابن القيم -في الرد عليه-: "انقطاع الإرث بينهما لم يرجع إلى اختلاف الدارين، لكن رجع إلى قطع الموالاة والنصرة؛ ولهذا لو كان ذميًّا في دار الإسلام فَدَخَلَ قريبُهُ الحربيُّ مستأمنًا ليقيم مدة ويرجع إلى دار الحرب لم يتوارثا، وإن كانت الدار واحدة" (١).

أما قياسهم الفُرْقَةَ بين الزوجين عند اختلاف الدارين بينهما على الفُرْقَةِ بينهما بنسب أو رضاع فهو قياس مع الفارق، وغير معتبر؛ لأن الفُرْقَةَ بين الزوجين بنسب أو رضاع قد تكون في دار واحدة بخلاف الفُرْقَةِ باختلاف الدارين؛ فإنها لا تكون في دار واحدة.

ثالثًا: الرد على أصحاب القول الثالث:

الدليل الأول: آية سورة الممتحنة:

هذه الآية لم تَقُلْ صراحة بفسخ عقد النكاح، ولكنها قررت عدمَ الحِلِّيَّةِ، وهذا يقتضي فسخَ العقد، وقررت إباحة الزواج للمسلمة المهاجرة من زوج آخر، وهذا يقتضي فسخَ العقد الأول، وقصة زينب أثبتتْ أن العقدَ لا يزالُ موجودًا، ولكنَّ التفريقَ الحسيَّ عن زوجها كان قائمًا؛ ولذلك رَدَّهَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زوجها بعد إسلامِهِ، فالعقد موجود، لكن التفريقَ الحسيَّ واجبٌ ريثما يتمُّ فسخُهُ، أو يُسْلِمُ الزوجُ.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]:

إن تطليق عمر لزوجتيه المشركتين المقيمتين بمكة يدلُّ على أن الأمر الإلهي


(١) المرجع السابق، (١/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>