للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطلاق ليس طلاقًا مباشرًا، بل لا بد أن يُنَفِّذَ المسلمُ هذا الأمرَ ويُطَلِّقَ، فإنْ لم يفعلْ فقد وقع في المحذور، ومثل هذا الحكم ينطبقُ على المرأة المرتبطة بعقد سابقٍ حين تُسلم ويبقى زوجها على دِينِهِ.

الدليل الثالث: من السنة المطهرة:

قولهم بأن العمل بعد الهجرة استمرَّ على أن اختلاف الدِّينِ لم يكن يُفَرِّقُ بين المرأة وزوجها، بدليلِ بقاءِ المستضعفاتِ في مكة مع أزواجِهِنَّ، ومنهن أُمُّ الفضل زوجةُ العباسِ، وزينبُ بنتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زوجةُ أبي العاص بن الربيع.

فيجاب عنه على النحو التالي:

١ - أما أُمُّ الفضل لبابةُ بنتُ الحارث زوجةُ العباس بن عبد المطلب، فقد أسلمتْ قَبْلَ العباس، وكان ابنها عبد الله بن عباس مسلمًا تبعًا لها، وهو من الوِلْدَانِ، وقد صح عنه أنه قال: "كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الوِلْدَانِ، وهي من النساء"، وقد علَّقَ عليه الذهبي بقوله: فهذا يُؤْذِنُ بأنهما أسلما قبل العباس وعجزا عن الهجرة (١).

وهذا يعني: أن أُمَّ الفضل كانت مع العباس مسلمةً وهو كافر، قبل أن ينزلَ حكمُ وجوبِ التفريق بين الزوجين باختلاف الدِّين، فلا حرج عليها، وإن كانت قد بقيتْ عنده بعد نزول هذا الحكم ومعرفتها به؛ إذ ربما نزل الحكم ولم تَعْرِفْ به؛ لأنها ليست في دار الإسلام، فهي معذورة؛ لأنها كانت مستضعفة، والإعذار هنا حكمٌ عامٌّ مبنيٌّ على رفع الحرج في هذا الدِّين.

٢ - أما زينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجة أبي العاص بن الربيع، فقد هاجرت بعد رجوع زوجِها من أَسْرِهِ ببدر، وكان ذلك يقينًا قبل نزول آية البقرة، وآية الممتحنة، فعندما


(١) سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٢/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>